البث المرئي
البث الصوتي
1
الرئيسية / منوع
2023-04-30 11:48:13

مارك رودين.. السويسري الشجاع الذي أصبح فلسطينياً

في الثلاثين من آذار/ مارس من عام 2013، التفّ المحتفلون بـ يوم الأرض الفلسطيني في عمّان حول رجُلٍ سبعينيّ جاء من بعيد، من سويسرا، مستجيباً لدعوة المنظّمين من أجل تكريمه. في ذلك اليوم، قال مارك رودين عباراتٍ قليلة، بالعربية، لكنّها كانت كافية لتُخبر مَن لم يكونوا يعرفونه جيّداً عمّا يعتمل في قلب وعقل الرجل من حُبّ: "في قلبي فلسطين"، قال، قبل أن يُضيف: "أنا سويسري، بس (لكن) سويسرا جزء من الإمبريالية"، مُختتِماً: "عاشت المقاومة العربية لتحرير فلسطين. عاشت فلسطين العربية الحرّة. عاش النضال الأمميّ".

في الثامن من هذا الشهر، رحل فنّان التصميم والمناضل السويسري مارك رودين في مدينة بيرن، مسقط رأسه في سويسرا، عن ثمانيةٍ وسبعين عاماً (1945 ــ 2023)، لتفقد القضيّة الفلسطينية واحداً من أبرز أصدقائها والمدافعين عنها من الأوروبيين. صداقةٌ بناها الراحل على أكثر من أساس فنّي ونضاليّ، وإنْ كان من الصعب الفصل بين الفنّي والنضاليّ في تجربته، وهو الذي عُرف بقناعته السياسية الجذرية بضرورة الوقوف إلى جانب الشعوب التي تُنهَب أراضيها وتُسرَق بيوتها وتُقتَل أمام "مجتمع دوليّ" يتفرّج.

كان رودين من الشباب الذين خرجوا إلى شوارع أوروبا ربيعَ 1968 ضمن ما عُرف بالثورة الطلّابية، والتي رفع المشاركون فيها شعارات من أجل الحرّية والحقوق والمساواة والعدالة، وضد النظام القائم بعقليته القمعية والربحية والاستعمارية. هكذا، وضع المصمّم الشاب موهبته تحت خدمة حركات أوروبية يسارية، مبتكراً العديد من الملصقات واليافطات كي يتداولها رفاقه في سويسرا، ومن بعد ذلك، في باريس وميلانو وغيرهما، إلى جانب عدد من الجداريات التي خطّها على جدران هذه المدن وغيرها.

فنان ومناضل سويسري اعتبر فلسطين عنوان التضامن الأممي

هناك، في المدينة الإيطالية، ستبدأ حكايته مع فلسطين، التي كان على متابعةٍ لقضيّتها ونضال شعبها، بحُكم انخراطه في الحِراك اليساري والشيوعي الأوروبي. التقى في ميلانو، منتصف السبعينات، بشباب من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" دعوه إلى الالتحاق بالمقاومة الفلسطينية في لبنان. دعوةً سيستجيب لها بعد سنوات، حيث سيغادر الشاب السويسري عام 1979 بلده، الذي بدأت فيه الشرطة تلاحقه بسبب مواقفه، ليصل إلى بيروت التي ستصبح مدينته لأعوام، وسيصبح فلسطينيّوها أهله وأصدقاءه، هو الذي سيحمل فيها اسماً جديداً: جهاد منصور. عمل رودين، لسنوات، مصمّماً مع "الجبهة الشعبية"، واضعاً العديد من الرسومات وأغلفة المجلّات والملصقات، التي سيتحوّل بعضها، لاحقاً، إلى جزء من أيقونات الاشتغال البصَري المناهض للاستعمار الاستيطاني الفلسطيني.

في لقاء سابق أجراه معه موقع "شباب زيورخ الثوريّ"، يعود رودين إلى جانب من يومياته التي قضاها في بيروت وطريقة عمله هناك: "عند وصولي، كان ثمّة ثلاثة فنانين يعملون رسّامين ومصمّمي ملصقات مع 'الجبهة الشعبية': فلسطينيّان وعراقي. قمنا بتشكيل مجموعة عمل بعد ذلك. وكان من المهمّ بالنسبة إليّ ألّا أمارس الفن فقط، بل الفن التطبيقي أيضاً، أو الفن اليدوي.  في ذلك الوقت، لم يكن عملنا السياسي في لبنان يواجه أية مشاكل. لكنّ الأمر تغيّر مع بدء التحضير للاجتياح الإسرائيلي للبنان. كنت مستفيداً، على أيّة حال، من حرّية واسعة في ما يتعلّق بإنجاز الملصقات التي كانت تُطلَب منّي. وبشكل عام، كانت المسوّدة أو الصيغة الأولى التي كنت أنجزها تلقى استحسان الرفاق، وكان في إمكاني القيام بطباعة الملصق بعد ذلك. لم تكن لديّ أية مهام أُخرى، ما ساعدني بالتركيز تماماً على عملي الإبداعي.

كان نصّ الملصق يضم لغتين في الغالب، مثل العربية والإنكليزية، أو العربية والفرنسية أو الروسية أو الإسبانية. لأن الملصقات كانت بشكل دائم تقريباً توزَّع في كلّ بقاع الأرض. بعد ذلك، كنّا نطبع نحو خمسة آلاف نسخة من الملصق بطباعة أوفسيت".

بعد الاجتياح الإسرائيلي، سينتقل رودين مع قسم من أعضاء "الجبهة الشعبية" إلى دمشق، حيث سيصبح مخيّم اليرموك في العاصمة السورية مركز عمله وعيشه الجديد لمدّة ناهزت تسعة أعوام، قبل أن يُعتقل في أحد الأيام من عام 1991 عند وصوله إلى الحدود مع تركيا، التي ستسلّمه سلطاتها إلى الدنمارك. هنالك حُوكِم مارك رودين عام 1993، وقضى في السجن سنوات، قبل أن يُنقَل عام 1997 إلى بلده، سويسرا. لكنّ السجن والضغط السياسي لن يخفّفا من عزيمته لدعم النضال الفلسطيني ولو من خلال التظاهرات والمعارض الفنّية، التي أقام العديد منها في سويسرا وخارجها، عارضاً ملصقاته ورسوماته من أجل القضيّة الفلسطينية وبعض القضايا العادلة حول العالم.

من ربيع الطلاب عام 1968 إلى صفوف الجبهة الشعبية

وضع مارك رودين، خلال مساره، نحو مئتي ملصق وعمل فنّي داعم للقضية الفلسطينية، كما يقول في أحد لقاءاته؛ وهي أعمالٌ سعى من خلالها لإيصال صوت الشعب الفلسطيني وصوت قضيّته إلى العالَم، كما خاطب من خلالها أيضاً الفلسطينيين الذين يقول إنه كان مهتمّاً بأن توضَع ملصقاته في شوارع مدنهم ومخيّماتهم قبل أن تُلصَق في أيّ مكان آخَر.

عمله لسنوات طويلة من أجل القضية أتاح له التعامُل بصرياً مع مختلف القضايا والمناسبات والتعبير عنها، حيث وضع تصميماتٍ داعمة لانتفاضة 1987، وأُخرى تدعو للدفاع عن الأرض التي سرقها الصهاينة (ملصقه في يوم الأرض لعام 1986، الذي يمزج فيه بين امرأة وطفلها متلفّعين بالكوفية، يُعَدّ من أجمل ما أنجز)، كما حبّر ملصقات تستحضر النكبة، وأُخرى تحيي بعض مظاهر التضامن العالمي (كما هو الحال في كوبا) مع القضيّة، إلى جانب ملصق أشبه ببورتريه، جميل، يمزج فيه بين وجه غسّان كنفاني وخريطة فلسطين. وفي أغلب هذه الأعمال، ركّز الراحل على مجموعة من الرموز الضاربة عميقاً في المخيال الجمعي والثقافي حول قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه، حيث تشكّل الحجارة محور كثير من رسوماته، ومعها البرتقال، والزيتون، وتراب الأرض، إلى جانب الكوفية

 

كما آمن، في رؤيته الفنية، بالبساطة وبما يُعرَف بالفن الاختصاري في التصميم، حيث يقول في اللقاء نفسه المذكور أعلاه: "أعتقد أن الملصق الجيد هو الملصق الذي يمكن استخدامه أيضاً كطابع بريدي، أي بوصفه تكثيفاً واختصاراً لرسالة ما". رسالةٌ يمكننا القول إنه كان، لعقود، من أكثر من شُغلوا بإيصالها إلى العالَم.

 

المزيد

اخر الاخبار

Image 1

الطقس: ارتفاع على درجات الحرارة والجو شديد الحرارة

Image 1

ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 54,418 والإصابات إلى 124,190 منذ بدء العدوان

Image 1

مستعمرون يسرقون جرارا زراعيا شمال سلفيت

Image 1

"أطباء بلا حدود": البداية الكارثية لتوزيع الغذاء تثبت أن الخطة الأميركية الإسرائيلية غير مجدية

Image 1

الاحتلال يسرق مبلغا ماليا ومصاغا ذهبيا من منزل في بيت أمر

Image 1

الطقس: انخفاض ملموس على درجات الحرارة والجو صافي

Image 1

7 شهداء بينهم عائلة كاملة إثر قصف الاحتلال مدينتي غزة وخان يونس

Image 1

مقتل شابين في كفر قاسم لترتفع حصيلة القتلى منذ مطلع العام إلى 99 قتيلا

Image 1

آليات الاحتلال تصدم حافلة تقل حجاجا في جنين بشكل متعمد

Image 1

الاحتلال يحتجز عدد من المواطنين خلال اقتحام كفيرت جنوب جنين

المزيد

قد يعجبك ايضا

Image 1

المئات في اليابان يتظاهرون احتجاجا على زيارة وزير خارجية الاحتلال

Image 1

إيطاليا تطالب إسرائيل بالسماح لوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة

Image 1

لليوم الثالث: "العدل الدولية" تعقد جلساتها لمساءلة إسرائيل بشأن التزاماتها تجاه المنظمات الأممية في فلسطين

Image 1

لازريني: أطفال غزة يتضورون جوعا فيما تواصل إسرائيل منع دخول الغذاء

Image 1

منظمة عالمية: الاحتلال قتل 200 طفل في الضفة منذ بدء العدوان

Image 1

استشهاد 9 سوريين وإصابة آخرين جراء قصف الاحتلال غرب درعا

Image 1

ارتفاع عدد ضحايا الزلزال المزدوج الذي ضرب ميانمار إلى 1002 قتيل

Image 1

"أطباء بلا حدود": إسرائيل تحظر فعليا الوصول للمياه في قطاع غزة

Image 1

الأونروا: الاحتلال شرد 40 ألف مواطن من المخيمات شمال الضفة

Image 1

تصادم مروحية عسكرية أمريكية بطائرة ركاب تحمل 60 شخصا قرب واشنطن